قصتي مع العميد ريمون اده وحزب الكتلة الوطنية اللبنانية (1)
بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرون لغياب العميد ريمون اده أحببت أن أشارك أصدقائي على صفحتي كيف ابتدات علاقتي بالعميد وحزبه ولا زالت حتى يومنا تتحكم بحياتي رافضة الرحيل من روح تبحث عن موطىء قدم لقيم في وطن استولى عليه مزيج من فساد وسلاح ومصالح.
ابتدأت القصة عندما كنت أسكن في الأشرفية حي فسوح وكان عمري١٣ عامًا، جدتي لأبي "آسيا" والتي كانت تسكن معنا وهي على فكرة بمثابة أم ثانية لي أصيبت بعارض صحي، وأثناء نقلها على حمالة بواسطة الصليب الاحمر نادتني من بين الجميع وأمسكت يدي فائلة "طارق اذا صار في إنتخابات وعدني ما بتنتخب إلا العميد ريمون اده"... لم أفهم شيئًا مما قالته ولم أكن أعلم حتى ما هي الإنتخابات ولكني وعدتها معتقدًا أنها إرادتها الأخيرة...
إلا أن جدتي معدن أصيل كجميع أهالي بلدة بجه في قضاء جبيل ترفض الإستسلام بسهولة، فكانت تدخل المستشفى كل ٦ أشهر وبنفس الطريقة على حمالة الصليب الأحمر ولكن المفارقة أنها في كل مرة كانت تذكرني بما طلبت مني في أول مرة... إن أتت الإنتخابات لا تنتخب إلا العميد ريمون اده...
وبالتأكيد ما فعلته بعدها هو أنني أصبحت أبحث عن كل ما يتعلق بالعميد اده لكي أفهم سر هذا الطلب الغريب وأنا أبحث في جرائد "النهار" و"الأنوار" وفي كل صحيفة أسبوعية من "الحوادث" الى "الصياد" وحتى في "الموعد" عن تصريحات أو حوارات مع العميد... ولم أعد أذكر إلا أنني أصبحت مغرمًا ومدمنًا أكثر من جدتي بالمدعو العميد العنيد أو ضمير لبنان...
فبدأت أقص أجزاء من حواراته من الصحف والمجلات وأعلقها فوق فراشي وساعدني صديق العائة السيد جورج الأشقر من برمانا وهو صديق شخصي للعميد ببعض من الصور، وهو الذي لم يصدق للوهلة الأولى أن فتى في الخامسة عشر من العمر يعلق فوق فراشه صورة العميد وعليها عنوان "دولتي دولة القانون"، فيما كان بعض من رفاق يعلق صور "البي جيز "و"الابا" "وبوني ام "، وأبي المذهول والذي كان يحب العميد ريمون اده وهو الذي عاصره وأسدى له خدمات عدة تتعلق بعمله في المصرف لا يصدق أن ابنه المراهق مفتون بعميد كبير في السن بينما رفاقه يهوون شباب آل الجميل وال وشمعون وكل ما يمت الى العسكر والسلاح بصلة.
وأصبح العميد جزءًا من حياتي وحواراتي وصداماتي مع أصدقائي وأقربائي في ساحة كنيسة بلدتي بجه ومن بعدها في جامعتي في كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية، كنت في بعض الأحيان ولا زلت ربما أدافع عن العميد أمام جيش من غير المؤيدين أو من غير المؤمنين بالعميد، لا أعلم من أين تأتي القوة ولكن كانت وكأنها وصية علي تنفيذها والأهم إنني كنت مؤمنًا به ولا زلت وسأبقى حتى آخر أيام حياتي.
بعد خمسة أعوام من أول زيارة للمستشفى وكانت جدتي لا تزال تصيبها العوارض الصحية وأنا أصبحت أرتاد الجامعة وأثناء نقلها من قبل الصليب الاحمر كما تعودنا قالت لي: "طارق ما بدي وصيك متل العادة، إلا أن هذه المرة وبطريقة المزح أجبتها، طيب حاضر بس إذا مات العميد شو بعمل... قالت وبسرعة البرق وبطريقة جازمة بتكتب على الورقة: "المرحوم ريمون اده...".
كم كانت جدتي على حق، وربما كانت هذه الجملة أحد أفضل نصائحها لي على الإطلاق في هذه الحياة...
غدًا تتمة قصتي مع العميد لكي لا أطيل من وقت القراءة عليكم...
